خلاصة واستنتاجات من القانون 88.13 المنظم لمهنة الصحافة والنشر.

 بقلم:محمد بولطار 
لا حديث في الآونة الأخيرة، بين رجال ونساء الإعلام الوطني المغربي، وخاصة العاملين في المواقع الإلكترونية المستقلة، سوى عن قرب دخول القانون رقم 88.13،  المنظم لمهنة الصحافة والنشر حيز التنفيذ، والتهديدات، من خلال استدعاء مدراء نشر هذه المواقع، من طرف الوكلاء العامون للملك بمختلف المدن المغربية، بحجب هذه المواقع، ومنعهم من الكتابة تحت طائلة العقوبات الجزرية والغرامات المالية، ما لم تتم عملية الملائمة وفقا لبنود القانون الجديد، والتي تنص على ضرورة توفرهم على الإجازة في التعليم العالي، أو دبلوم الصحافة، إضافة إلى البطاقة المهنية
وتراقب هذه الفئة من رجال ونساء الإعلام، عن كتب تطور الأمور في هذا المستجد، ولسان حالها يقول بأن هذا القانون لبس “جلباب الحق لأجل الباطل”، لأنه سيمهد الطريق ويفتح الأبواب على مصراعيها لفئة ضلت تستفيد من ريع الدعم المالي للدولة لفائدة جهات إعلامية دون غيرها، خاصة تلك الناطقة باسم الأحزاب وجهات سياسية، أثبتت فشلها في الرقي بالسياسات العمومية للبلاد، وتطوير مستواها بشكل يلائم انتظارات الشعب المغربي،  وبالرغم من أنها لم تعد تؤدي وظيفتها الإعلامية بشكل عملي لائق، بعدما تفوقت عليها المواقع الإلكترونية بالسرعة الفائقة في إيصال المعلومة إلى المواطن والمؤسسات، وكشف أخبار وحقائق  كانت حتى الأمس القريب تواجه بالتعتيم وسوء التعامل، مما جعلها ترقى إلى التربع على عرش وسائل التواصل، وتصبح وسيلة تواصلية وتفاعلية بامتياز كبيرين، وتشكل نواة حقيقية منافسة للصحافة التقليدية.
إن الجهات التي سهرت على صياغة مخرجات وبنود قانون الصحافة والنشر رقم 88.13 بالمغرب، كان همها الوحيد هو المحافظة على مصالحها الخاصة، والإبقاء على استفادتها من دعم الدولة المادي الذي يبلغ ملايير الدراهم، تذهب نسبة كبيرة منها لجيوب من نصبوا أنفسهم نقباء وأصحاب العقد والحل في مجال الصحافة بالبلاد، وفصلوا قانونا يناسب مقاساتهم، ويمكنهم من الاستحواذ على الساحة الإعلامية الوطنية، بالإبقاء على مجموعة من الجرائد الورقية، الحزبية على الخصوص، والتي رأت مستوى مبيعاتها وعدد قراءها في تدني يومي مسترسل،  حيث أنه لولا هذا الدعم المادي التي توفره لها الدولة، واحتكار المساحات الإعلانية، وكذا فرض المصالح المركزية والخارجية لبعض الورزارات (كل وزارة تقتني عددا مهما من الجريدة الحزبية التي ينتمي إليها الوزير المشرف عليها )، إضافة إلى مقتنيات المقاهي المغربية من الجرائد الورقية والتي تشكل نسبة تفوق ال 80% من المبيعات، لولا كل هذا لكانت هذه الجرائد قد أعلنت إفلاسها، وإنقراضها من المشهد الإعلامي بالمغرب.
صحيح أن الصحافيين، أو العاملين بمجال الإعلام كانوا يمنون النفس، بإخراج قانون ينظم المهنة ويحفظ كرامتهم،  ويعمل على هيكلة الممارسة الصحافية بالوطن، والقضاء على سماسرة الإعلام، ويحمي النزهاء منهم من المتابعات الكيدية التي كانت تكبل أقلامهم، وتجز بالبعض منهم في غياهب السجون لا لشيء سوى لأنهم كانوا صوت الحق، وكشف المستور، لكن القانون 88.13 جاء بشروط أقل ما يقال عنها أنها تعجيزية، خاصة في حق مدراء النشر، فإذا كانت الكفاءة والتكوين  الأكاديمي ضرورة حتمية وجب توفرها في من سيتقلد هذه المهمة، يبقى شرط التوفر على البطاقة المهنية شرطا تعجيزيا، لا يتوفر في الغالبية العامة منهم، وخير دليل على ذلك أنه وبعد مرور 11 شهرا وقرب انقضاء المهلة التي منحت لأصحاب المواقع الألكترونية لأجل الملائمة مع مقتضيات القانون الجديد، فإنه وحسب الإحصائيات الرسمية التي أعلن عنها وزير  الثقافة والاتصال، فقط 77 موقعا إلكترونيا على الصعيد الوطني هي من تتوفر فيها شروط الملائمة، و بحسبة بسيطة نستنتج أن هذا العدد يتساوى بشكل تقريبي وعدد الجرائد الورقية والحزبية  الكلاسيكية، التي عملت على خلق مواقع إلكترونية تابعة لها، تبرر بها علة وجودها، تعمل بها على الالتفاف على القانون وتبرير المصاريف والفواتير لأجل الإبقاء على حصتها من الريع المادي/ عفوا الدعم المالي للدولة، في حين رفعت البطاقة الحمراء في وجه المواقع الإلكترونية المستقلة، وبقوة القانون المفصل على مقاس، أقل ما يقال عنه أنه وضع لحاجة في نفس يعقوب قضاها.
إن حرية الصحافة والإعلام بالمغرب، تجد نفسها اليوم مقيدة بقانون وضعي، سيعمل على تقزيم مجال اشتغالها، والنيل من المكتسبات الدستورية، التي ضمنها لها دستور 2011، والذي يضمن الحق في الحصول على المعلومة وإيصالها بأمانة للمواطن دون قيد أو شرط، بل إنه يضمن للمواطن الحصول عليها مباشرة ودون وساطة، وبالتالي فإن تسريع دخول قانون رقم 88.13 حيز التنفيذ، في صيغته الحالية، دونا عن أي من القوانين الأخرى التي تمت المصادقة عليها، وضلت رهينة رفوف الأمانة العامة للحكومة، وردهات البرلمان المغربي، بداعي استكمال النصوص، يعد تراجعا خطيرا عن مكتسبات الحريات العامة، والمقتضيات  الدستورية التي تعد أسمى قانون في البلاد، وبالتالي ضرورة الوقوف بتأن  والعمل على إعادة قراءة فصول هذا القانون، وجعلها أكثر سلاسة، وأكثر دينامية بالشكل الذي يضمن مصالح وحرية المشهد الإعلامي المغربي، والعمل على تنظم دورات تكوينية لفائدة الإعلاميين ترفع من مستواهم وتجعلهم يواكبون تطورات العولمة.