أزيلال.. صرخة الجبال: احتجاجات متصاعدة ضد التهميش ومستجدات وعود السلطات


 إقليم أزيلال، في الأيام الأخيرة، موجة احتجاجية غير مسبوقة

تدفع بها ساكنة المناطق الجبلية النائية، رافعة صوتها ضد سنوات الإهمال وغياب الخدمات الأساسية، فيما تتدخل السلطات محاولة نزع فتيل الغضب بوعود تنموية عاجلة.
 مسيرة الكرامة: 80 كم سيرًا على الأقدام
في مشهد جسد "أعلى درجات الصبر والتحدي"، قطع أبناء ساكنة آيت بوكماز (جماعة تبانت) يوم الخميس 10 يوليوز 2025، مسافة 80 كيلومترًا مشيًا على الأقدام من دواويرهم النائية نحو عمالة أزيلال، في مسيرة أطلقوا عليها "انتفاضة الكرامة والعدالة المجالية". عبر المشاركون – الذين مبيتوا في العراء بجماعة آيت امحمد – عن إصرارهم على كسر "صمت الجهات الرسمية طيلة سنوات التهميش" .

 مطالب أساسية تنتظر التنفيذ
ركزت مطالب المحتجين على نقاط جوهرية طال انتظارها:  
- **الخدمات الصحية**: تعيين طبيب دائم في المركز الصحي المحلي وتوفير سيارة إسعاف.  
- **الاتصالات والنقل**: ربط المنطقة بشبكة الإنترنت، وتمهيد الطرق الجبلية الكارثية، وتوفير النقل المدرسي لمواجهة الهدر التعليمي.  
- **البنية التحتية**: بناء مرافق تعليمية وتوفير الماء الشروب، وإحداث سدود تلية لحماية المنطقة من الفيضانات الموسمية .

 تدخل عاجل من عامل الإقليم
استجابة لحدة الاحتجاج، استقبل عامل إقليم أزيلال "الحسن بنخيي" وفدًا من اللجنة التنظيمية (28 عضوًا)، وتوصل بعد اجتماع مطول إلى حزمة وعود فورية:  
- ربط جماعة تبانت بالإنترنت فورًا.  
- تعيين طبيب عبر جمعية أطلس للصحة "بشكل استعجالي".  
- تسريع منح تراخيص البناء خلال 10 أيام كحد أقصى.  
- برمجة زيارة ميدانية للمنطقة ومشروع بناء ملعب القرب لشباب المنطقة .

 احتجاجات متعددة وتذمر متراكم
لم تكن آيت بوكماز الوحيدة، ففي اليوم السابق (9 يوليوز)، نظمت ساكنة دواوير "تاركا زكزات" (أيت برتو، أيت أوسكين، ماترت، تمدروست، وغيرها) التابعة لجماعة آيت أمديس، مسيرة احتجاجية نحو عمالة ورزازات، مشيرة إلى "عزلة شبه تامة" بسبب تدهور الطرق وندرة المياه وغياب الإسعافات . هذه الحركات تندرج في سياق احتجاجات أوسع شهدتها مناطق كآيت بلال وأيت تمليل، في مؤشر على "حالة الإحباط الجماعي" بمناطق الأطلس .

 دعم سياسي وتضامن واسع
حصلت احتجاجات آيت بوكماز على دعم "كامل ومطلق" من حزب العدالة والتنمية المحلي الذي وصف المعاناة بـ"نتيجة التهميش الممنهج" . كما اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي حملات تضامنية مع الهاشتاغات الداعمة، فيما علقت إحدى التعليقات: "هذه الصورة الحقيقية للمغرب المنسي بعيدًا عن الصور المزركشة" .

 جهود تنموية توازي الغضب
في محاولة لاحتواء الأزمة، تواصلت بعض المبادرات:  
- **صحية**: استفاد 427 شخصًا من قوافل طبية متنقلة في يونيو 2025، شملت فحوصات للأطفال والحوامل وتوزيع الأدوية .  
- **جمعوية**: فتح جماعة أزيلال باب دعم مشاريع الجمعيات التنموية والاجتماعية (19 يونيو - 8 يوليوز 2025) .  
- **تعميرية**: عقد اجتماع تنسيقي حول تبسيط مساطر البناء في الوسط القروي الجبلي يوم 13 ماي 2025 .

 المراقبة واليقظة سيدتا الموقف
رغم تراجع الاحتجاج بعد وعود العامل، حذرت اللجنة المنظمة بأن "الاحتجاج السلمي خيار مفتوح في حال التراجع"، مؤكدة أن "لغة الحوار الجاد هي السبيل الوحيد لتحقيق الكرامة" . وفي تعليق لافت، كتب أحد سكان المنطقة: "السكين وصل إلى العظم.. فهل يعقل أن ساكنة بالآلاف لا تتوفر على طبيب واحد؟" .

هذه الاحتجاجات تضع السلطات أمام اختبار مصداقية، في إقليم يعاني تناقضًا صارخًا بين مؤهلاته السياحية الطبيعية وواقع سكانه الذين يطالبون فقط بـ "العدالة المجالية" التي تليق بكرامتهم كمواطنين.

ليست هناك تعليقات

صور المظاهر بواسطة linearcurves. يتم التشغيل بواسطة Blogger.