كرونولوجيا تطور مصطلح "حدث أمني" في الصحافة العبرية
1. النشأة التاريخية والجذور المبكرة (فترة ما قبل 1948)
- الصحف العبرية الأولى: ظهرت أولى الصحف العبرية في فلسطين خلال العهد العثماني، مثل "هلفنون" (1863) و"حفتسيلت" (1863)، لكنها ركزت على القضايا الثقافية والهوية اليهودية أكثر من الشؤون الأمنية .
- تأثير الانتداب البريطاني: خلال هذه الفترة (1918-1948)، برزت صحف مثل "هآرتس" (1919) و"يديعوت أحرونوت" (1939)، حيث بدأت تغطي أعمال المقاومة الفلسطينية تحت مصطلحات مثل "أعمال شغب" أو "هجمات عربية"، دون استخدام مصطلح "حدث أمني" بشكل منهجي. كانت اللغة تصف الأحداث بوصفها تهديدات للاستيطان اليهودي .
2. التأسيس الرسمي للمصطلح (فترة الخمسينيات والستينيات)
- تكريس المصطلح بعد النكبة: عقب حرب 1948، أدخلت وسائل الإعلام العبرية، بتوجيه من المؤسسة الأمنية، مصطلحات لوصف العمليات الفدائية الفلسطينية. وفقًا لوثائق الأرشيف الإسرائيلي، بدأ استخدام تعبير "حدث أمني" (אירוע ביטחוני) بشكل رسمي في الخمسينيات لوصف أي عمل مقاومة، بهدف:
- تجريد الفعل من شرعيته السياسية.
- تصويره كمجرد "خلل أمني" قابل للاحتواء .
- دور هيئة رؤساء التحرير: هذه الهيئة (التي أسسها بن غوريون)، فرضت رقابة مشددة ووحدت المصطلحات الإعلامية. فمثلاً، حوّلت عمليات مثل هجوميْ "فدائيي غزة" (1953-1955) إلى "أحداث أمنية" في التقارير الصحفية .
3. التوسع والتطوير (فترة السبعينيات والتسعينيات)
- بعد حرب 1967 وحرب أكتوبر: تصاعد استخدام المصطلح مع احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة. ركزت صحف مثل "يديعوت أحرونوت" على وصف عمليات المقاومة الفلسطينية كـ"أحداث أمنية" معقدة، خاصة خلال الانتفاضة الأولى (1987) .
- التمييع اللغوي: طُوّرت صيغ لغوية مثل:
- "أحداث أمنية طارئة" (אירוע ביטחוני מיידי).
- "خلل أمني" (כשל ביטחוני).
وذلك لوصف العمليات الفدائية دون الاعتراف بسياقها السياسي .
- تأثير اتفاقات أوسلو: في التسعينيات، استمر استخدام المصطلح لوصف عمليات المقاومة المناهضة للتفاوض، مع إضافة صفات مثل "إرهابي" لتعزيز التوصيف الأمني .
4. التحولات الحديثة (2000–2025)
- الانتفاضة الثانية (2000-2005): كثفت الصحافة العبرية استخدام المصطلح، خاصة في سياق عمليات الطعن أو إطلاق النار. على سبيل المثال، وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عملية استشهاد محمد الدرة (2000) بأنها "حدث أمني نتج عن تبادل إطلاق النار" .
- الرقمنة والعولمة: مع ظهور المواقع الإخبارية العبرية الناطقة بالعربية (مثل موقع "يديعوت أحرونوت" بالعربية)، استخدم المصطلح لنشر الرواية الإسرائيلية للجمهور العربي، حيث تُترجم التقارير عن "أحداث أمنية" دون نقد .
- حروب غزة (2008–2024): في تغطية أحداث مثل "طوفان الأقصى" (2023)، استخدمت الصحف مصطلح "حدث أمني" لوصف اختراق المقاومة لمستوطنات غلاف غزة، مع التركيز على "الإخفاق الاستخباري" بدلاً من سياق المقاومة .
5. الآليات الدلالية والسياسية للمصطلح
- التجريد من السياق: تحوّل المصطلح أداةً لتحويل الصراع السياسي إلى مجرد "مشكلة أمنية"، مما يبرر الإجراءات العسكرية الإسرائيلية .
- التضليل الإعلامي: وفقًا لتحليل منظمة "عدالة ودقة" الأمريكية، 79% من التقارير الإسرائيلية تستخدم مصطلحات مثل "حدث أمني" أو "رد فعل" لتبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية، مقابل 9% فقط للهجمات الفلسطينية .
- التواطؤ مع الأجندة السياسية: خلال حكومات نتنياهو (2009–2024)، أصبح المصطلح جزءًا من خطاب "الحرب الوجودية"، حيث تربط الصحف بين "الأحداث الأمنية" و"تهديد إسرائيل" لتبرير التصعيد .
6. دراسات حالة: استخدام المصطلح في صحف رئيسية
- "يديعوت أحرونوت": في عددها الصادر يوم 12 أكتوبر 2023، وصفت هجمات "طوفان الأقصى" بأنها "حدث أمني كارثي"، مركزةً على "الفشل الاستخباري" متجاهلة أسباب الصراع .
- "هآرتس": رغم خطها النقدي نسبيًا، تستخدم المصطلح في عناوين مثل "ثلاثة أحداث أمنية في الضفة خلال 24 ساعة" (2024)، مما يعزز الرواية الرسمية .
- "يسرائيل هيوم": تبالغ في استخدام المصطلح لوصف أي عمل فلسطيني، حتى لو كان احتجاجًا سلميًا، كما في تقاريرها عن مسيرات العودة في غزة (2018-2019) .
الخلاصة: الدلالات والتداعيات
بدأ استخدام مصطلح "حدث أمني" في الصحافة العبرية بشكل منهجي في الخمسينيات كأداة لفرض السردية الإسرائيلية، وتحول إلى حجر زاوية في التغطية الإعلامية للصراع. يعكس المصطلح:
- التوظيف الأيديولوجي للغة: تفريغ الصراع من أبعاده السياسية والتاريخية.
- الانحياز المؤسسي: تطبيع الاحتلال عبر تحويله إلى "إدارة أزمات أمنية".
- التأثير العالمي: تصدير الرواية الإسرائيلية عبر ترجمة التقارير للغات أخرى.
لمزيد من التفاصيل، يُراجع تاريخ الإعلام العبري في [ويكيبيديا العربية](https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85_%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84) وتحليلات مركز مدى حول توظيف اللغة [هنا](https://www.dohainstitute.org/ar/ResearchAndStudies/Pages/the-uses-and-abuses-of-language-in-israel-war-on-palestinians.aspx).
ليست هناك تعليقات