التغطية الإسرائيلية على ضحايا غزة: تحليل استراتيجية التعتيم والتحويل في ظل الحرب مع اسرائيل


التغطية الإسرائيلية على ضحايا غزة: تحليل استراتيجية التعتيم والتحويل في ظل الحرب مع اسرائيل 

استغلال العاصفة الإقليمية  

شهدت المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية في يونيو 2025 تحولاً استراتيجياً في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. بينما احتلت الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب عناوين الأخبار، استغلت الحكومة الإسرائيلية هذا "الغطاء" لتكثيف عملياتها في غزة وتنفيذ مخططات طويلة الأمد. وفقاً لمجلة فورين أفيرز، استُخدمت الحرب مع إيران كستار دخان للتقدم في عملية "عربات جدعون" الرامية إلى إفراغ غزة من سكانها عبر التجويع والتهجير القسري .  



آلية التغطية: توظيف الصراع الإقليمي لقمع الفلسطينيين

. تصعيد العمليات العسكرية في ظل صمت إعلامي  

زيادة الضحايا: خلال 12 يوماً فقط من المواجهة مع إيران، سجلت غزة أكثر من 800 قتيل فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع . بلغت الحصيلة اليومية ضعف معدلاتها السابقة، مع تركيز الهجمات على مناطق مدنية ومخيمات النزوح.  

 استهداف طالبي الغذاء: وثّقت تقارير الأمم المتحدة 500 عملية قتل مدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات إنسانية، حيث حوّل الجيش الإسرائيلي توزيع الغذاء إلى "فخاخ مميتة" . وصفت هذه الأفعال بأنها "جريمة حرب محتملة" من قبل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) .  


 تزوير الروايات: نسب الضحايا إلى "أخطاء حماس"  

عززت الرواية الإسرائيلية اتهامات لحركة حماس بتعريض المدنيين للخطر، متجاهلةً أن:  

  - عمليات القنص المباشر للمدنيين عند نقاط التوزيع تمت بقناصة إسرائيليين .  

  - تدمير البنية التحتية الزراعية والمائية جعل سكان غزة يعتمدون كلياً على المساعدات، ثم جرى استهدافهم عند الحصول عليها .  

- تصريحات نتنياهو الزائفة: ادعى أن الحرب في غزة "ستنتهي إذا استسلمت حماس"، بينما تشير وثائق فورين أفيرز إلى أن إسرائيل ترفض أي هدنة لا تضمن تهجيراً قسرياً .  



تكتيكات التعتيم الإعلامي والسياسي


 . قمع التغطية الإعلامية الدولية  

- تهديد وسائل الإعلام: هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير وسائل الإعلام الأجنبية بالتحقيق معها إذا بثت مشاهد من مواقع سقوط الصواريخ الإيرانية، واتهمها بـ"انتهاك الأمن القومي" .  

- إخفاء جرائم غزة: بينما ركز الإعلام العالمي على أضرار الضربات الإيرانية في تل أبيب (28 قتيلاً)، جرى حجب صور الدمار في خان يونس وغزة حيث دمرت مستشفيات وأحياء سكنية بكاملها .  


2. توظيف الدعم الشعبي الإسرائيلي  

- استعادة الشرعية الداخلية: أظهر استطلاع لجامعة تل أبيب أن 83% من الإسرائيليين اليهود يؤيدون الضربات على إيران، ما منح نتنياهو غطاءً لمواصلة حرب غزة دون ضغوط شعبية .  

- تجيير الصراع إعلامياً: قدّمت الحكومة الإسرائيلية الحرب مع إيران كـ"انتصار وجودي"، بينما كانت غزة تُدفن تحت ركام من القنابل والجوع .  


---


 حصاد المعاناة: كيف أعادت إسرائيل هندسة الواقع في غزة؟  

| الآلية              | الأثر المباشر                          | المصدر المرجعي |  

|----------------------|----------------------------------------|----------------|  

| تقليص المساعدات الغذائية | 1,700 سعرة حرارية يومياً (أقل من الحد الأدنى العالمي) |  |  

| تركيز نقاط التوزيع في الجنوب | تهجير 660,000 فلسطيني من شمال غزة منذ مارس 2025 |  |  

| تدمير البنية التحتية الطبية | استيقاظ الأطفال أثناء العمليات جرّاق نقص التخدير |  |  


---


إعادة تشكيل المشهد الدولي: التغطية بغطاء "الحرب النووية" 

- الانشغال العالمي: حولت الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية الأنظار عن غزة، بينما استمرت عمليات التجويع. وفقاً للأونروا: "تستمر الفظائع في غزة بينما يتحول الاهتمام العالمي إلى مكان آخر" .  

- فقدان الرهائن الفلسطينيون: ذكر منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين أن "من يستطيع التوصل لهدنة مع إيران يستطيع إنهاء حرب غزة"، لكن نداءهم جرى تجاهله .  


---

الخاتمة: من ضحايا الحروب إلى ضحايا الصمت

لم تكن "التغطية" الإسرائيلية مجرد استغلال تكتيكي لصراع إقليمي، بل جزءاً من إستراتيجية منهجية لتحقيق أهداف متعددة:  

1. الإفلات من المحاسبة: عبر تحويل أنظار العالم عن جرائم غزة.  

2. تسريع التهجير: بجعل الحياة في القطاع مستحيلة عبر التجويع والقصف المزدوج.  

3. تزوير التاريخ: بنسب ضحايا السياسات الإسرائيلية إلى "صدامات داخلية" أو "أخطاء المقاومة".  


اليوم، بينما تحتفي إسرائيل بـ"انتصارها" على إيران، يدفع الفلسطينيون الثمن عبر جريمة صامتة: تهجير ممنهج تحت غطاء حرب الآخرين. وكما يحذر تقرير فورين أفيرز، فإن غياب الضغط الأمريكي الفاعل سيسلم غزة لمصير أشبه بـ"معسكر اعتقال مفتوح" . هذه ليست شبهات نظرية، بل وقائع تكشفها أرقام الضحايا وصمت العالم

احمد شروف 

ليست هناك تعليقات

صور المظاهر بواسطة linearcurves. يتم التشغيل بواسطة Blogger.