تكتيكات إخفاء الخسائر العسكرية ضد ايران ونسبها لحماس


تشير تقارير متعددة إلى أن إسرائيل أخفت عمداً حجم خسائرها في صفوف الجيش خلال العمليات البرية في غزة، ثم عملت لاحقاً على نسب هذه الخسائر إلى "أنشطة حماس الاستفزازية" أو "الاشتباكات المفاجئة". فبحسب ويكيبيديا العربية، أعلنت إسرائيل مقتل 391 جندياً فقط حتى منتصف عام 2024، بينما زعمت كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) أنها قتلت أكثر من 1600 جندي وأصابت 3400 آخرين في الفترة ذاتها – وهو رقم يتجاوز خمسة أضعاف الرواية الرسمية الإسرائيلية. كما كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، وفقاً للمصدر نفسه، عن وجود عشرة آلاف جريح وقتيل في صفوف الجيش، مما يشير إلى فجوة هائلة في البيانات الرسمية.

آلية النسب الممنهجة
اتبعت الحكومة الإسرائيلية نمطاً واضحاً في تحميل حماس مسؤولية خسائرها العسكرية عبر:

  1. تأخير الإعلان عن الخسائر: حيث تم الإفصاح عن مقتل عشرات الجنود بعد أسابيع أو شهور من وقوع الحوادث، كما حدث في معارك خان يونس ورفح مطلع عام 2025.

  2. ربط الخسائر بـ"مفاجآت حماس": كالأنفاق المفخخة أو عمليات الكمائن، وهو ما برز في تصريحات المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي، الذي وصف ظهور مسلحي حماس في غزة في يناير 2025 بأنه "استعراض عضلات لتعويض الضعف"، رغم اعترافه بأنه دليل على استمرار قدراتهم القتالية.

  3. استغلال الأزمات الدبلوماسية: مثل تبرير استئناف القصف المكثف في مارس 2025 بحجة أن حماس "رفضت تمديد الهدنة وأعدت لهجمات جديدة"، بينما أظهرت تسريبات أن الجيش الإسرائيلي خطط لهذا التصعيد مسبقاً.

السياق السياسي للإخفاء
يكتسي إخفاء الخسائر العسكرية بعداً سياسياً حاسماً:

  • تجنب فقدان الشرعية الداخلية: حيث أظهرت معطيات قناة الجزيرة أن 83% من الإسرائيليين كانوا يؤيدون الحرب أواخر 2024، لكن تكشف خسائر الجيش الفعلية قد يغذي احتجاجات شبيهة بحركة "أمهات الرهائن" المطالبة بوقف إطلاق النار.

  • حماية القيادة العسكرية من المحاسبة: خاصة بعد تقرير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، الذي أكد إصابة 5000 جندي خلال عام واحد، بينهم 695 إصابة خطيرة، وهو ما يطرح أسئلة حول كفاءة الخطط التكتيكية.

  • إطالة أمد الحرب: وفقاً لتحليل صحيفة معاريف، فإن حكومة نتنياهو تعاملت مع الحرب "كمراهن في كازينو" يضاعف الرهان بعد كل خسارة ظناً منه أن الجولة القادمة ستعوض الخسائر.

المقارنة مع تكتيكات التعتيم على ضحايا المدنيين
يمثل إخفاء ضحايا الجنود امتداداً لاستراتيجية أوسع في تزوير الروايات، تشمل:

  • نسب ضحايا المدنيين لأخطاء حماس: كالاتهامات المتكررة بأن الحركة "تختبئ بين المدنيين" أو "تستخدمهم دروعاً بشرية"، وهو ما استُخدم لتبرير استهداف طالبي المساعدات الغذائية في فبراير 2024.

  • تضخيم خسائر حماس العسكرية: عبر الادعاء بقتل 20 ألف مسلح، بينما تشير وثائق الأمم المتحدة إلى أن 70% من القتلى هم من النساء والأطفال.

  • قمع التغطية الإعلامية: كما هدد وزير الأمن الإسرائيلي إيتامار بن غفير وسائل الإعلام بملاحقتها قانونياً إذا بثت مشاهد "تضر بالأمن القومي".

هذه الآليات تُكشف تدريجياً مع تصاعد الانتقادات الدولية، مثل تقرير محكمة العدل الدولية في يناير 2024، الذي أشار إلى "أنماط منهجية في تزوير الوقائع"، لكنها تظل أداة فعالة في تأجيل المحاسبة وتبرير الاستمرار في حرب لم تحقق سوى مآسٍ إنسانية.

احمد شروف.

ليست هناك تعليقات

صور المظاهر بواسطة linearcurves. يتم التشغيل بواسطة Blogger.