ملخص دروس الحرب بين ايران واسرائيل
أنهت إيران حـ.ـربا مع الغرب المُتغطرس المُـ.ـنافق دامت 12 يوما، تم خلالها تقسيم الأدوار بين تمهيد وخداع و"ترقاد" قامت به واشنطن، وفتح للطريق وشل القدرات بيد قاعدة الغرب العسكرية إسـ.ـرائيل، ثم ضربة "الفينيسيون" أخيرا من واشنطن.
حـ.ـرب دخلها الأوروبيون من نافذة العمل الدبلوماسي، حيث أشاد مستشار ألمانيا بـ "تل أنابيب" واعترف بأنها قامت بالعمل القذر نيابة عنهم. بينما لعبت فرنسا دور "الوسيط" ومهدء الأجواء ولو من بعيد. بريطانيا دبلوماسيا واستخباراتيا وقفت إلى جانب صنيعتها "تل أنابيب"، ومستعمرتها السابقة واشنطن. أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد أدانت طهران يوم 12 يونيو، 24 ساعة قبل ضربة البداية!
حرب امتدت للعامل النفسي، فرأينا تلاعب ترمب وحبيبه النِّتن بالتصريحات، فتارة يؤكدون عزمهم إسقاط النظام أو إضعافه، وتارة يجددون التزامهم الحصري بشل قدراته النووية. مرة يكلمون جنرالات طهران عبر الهاتف مهددين، ومرة يخرج المستوطن الأمريكي من أصل ألماني "دونالد ترمب" ليؤكد معرفته مكان مرشد إيران وسهولة الوصول إليه.
من دروس الحرب أيضا أنها أضحت حربا هجينة، أولى أسلحتها هاتف صغير في جيب جنرالات طهران وعلماءها، مكَّن الموساد (أو ساعده على الأقل) في رصد وتصفية بعضهم. مرورا بأقمار صناعية ترصد أقل تغير في درجة حرارة مفاعل هنا أو معمل هناك، فتجزم من ذلك درجة تخصيب اليورانيوم في المنشأة! وصولا لعملاء على الأرض أحسنت إسـ.ـرائيل توظيفهم، واستخفت طهران بقدراتهم.
من خلاصات الحرب المهمة أيضا صلاة الجنازة الرسمية على ما يُعرف بالقانون الدولي. فحتى الرئيس جورج بوش الإبن مُدمِّـ.ـر العراق وأفغانستان، وناشر الفوضى والدمار في الشرق الأوسط، طلب الإذن من الكونجرس لإعلان الحرب على البلدين، وحاول انتزاع التفويض من الأمم المتحدة قبل الاصتطدام بفيتو فرنسي روسي. لكن ترمب، ومعه طبعا دلوعة الغرب تل أنابيب، لم يطلبوا لا تفويضا داخليا ولا إذنا أُمميا ليعلنوا الحـ.ـرب في الوقت الذي شاؤوا وينهوها في الآوان الذي أرادوا. رسميا: القانون الدولي موضوع للسيطرة على الصغار.
رابع الدروس أن على إيران تشخيص أسباب الاختراق الرهيب الذي لحقها في أول أيام الحـ.ـرب. انكشاف ظهر جليا في معرفة تفاصيل حركة كبار القادة والعلماء واستهدافهم بأكبر دقة ممكنة، وصولا لمجموعات على الأرض هاجمت وأربكت الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ.
الجانب الاستخباراتي وجه واحد لهذا الإخفاق، إضافة لهشاشة الجبهة الداخلية في إيران مع مجموعات كبيرة من الناس مُهمشة إما اقتصاديا أو ثقافيا أو سياسيا، مشكلة بذلك أرضية خصبة للخيانة والعمالة. دون أن ننسى دور طهران القـ.ـذر في إخماد الثورة السورية، وانكشافها على أرض سورية مليئة بعملاء الموساد.
الدرس 5: جبهة إسلامية لعبت دورها المعهود: التفرج دولا وشعوبا وأنظمة. 57 دولة اكتفت أشجعها (تركيا وباكستان) بالتنديد والدعم المعنوي. بينما لعب الجيران دورا في الحماية والتصدي، لصواريخ وطائرات طهران وليس لأسلحة إسـ.ـرائيل!!
آخر الدروس: مرة أخرى تبرهن "تل أنابيب" على أنها قاعدة عسكرية متقدمة لقوة الغرب الإمبريالي، غير قادرة على حرب طويلة مع دولو ندا لند، مهما علا كعبها العسكري والتكنولوجي.
إســ.ـرائيل ليست سوى "حاملة طائرات" مهمتها إضعاف دول المنطقة بالاحـ.ـتلال المباشر تارة، والضربات الاستباقية تارة أخرى. بل وحتى بعمليات السلام والتطـ.ـبيع. فمع دول الجوار المحيطة تفرض نزع السلاح من المناطق الحدودية، ولا تنمية بدون أمن وسيادة. ومع دول الأطراف (المغرب والخليج) تطبيع مقابل انكشاف وتحكم بمقاليد الأمور، بطرق مباشرة وغير مباشرة.
الخلاصة من كل ما سبق: الكلمة الأولى والأخيرة للقوة. امتلك القوة وستملك معها الشرعية والحق والكلمة الفصل في بدء النزاعات وإنهاءها. بل إن ذلك التفوق يمنحك شرعية سماوية على تجبرك وبلطجتك، كما فعل ترمب في خطابه بعد قصف الأرض الإيرانية بـ 30 طنا من المتفجرات حين شكر الرب وأثنى عليه. وكذلك حين "صلى" النِّتن في حائط البراق المُحـ.ـتل، وبعث بصلواته لحليفه ترمب.
ملاحظة سريرية: إسرائيل لم ولن تكف عن دفع إيران لحـ.ـرب مفتوحة مع أعتى قوة حربية في العالم، وذلك ما فهمته طهران بعد الضربة الأمريكية فكان ردها بتكثيف الضربات على أراضي فلسـ.ـطين المحـ.ـتلة أولا، ثم بضربة رمزية على قاعدة العديد في قطر ثانيا.
إيران تدرك جيدا أن توجيه ضربة تؤدي لخسائر بشرية أمريكية، سيدفع دونالد ترمب لشن هجمات أقوى وأكثر تدميرا ضد طهران، بما يخدم أولا وأخيرا خطط (النِّتن ياهو) في تل أنابيب، ويزيد من متعة 2 مليار مسلم يشاهدون الحرب في التلفاز كما يشاهدون مباريات كرة القدم.
إيران بصبرها وبصيرتها لم ولن تنجر للفخ، كما انجر له صدام حسين من قبل. لذلك، امتصت طهران الصدمة وتعلمت الدروس، وخرجت من الجولة بـ 500 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب الجاهز لصنع 10 قنـ.ـابل نووية. في انتظار جولات أخرى. لسان حال حكام الجمهورية الإسلامية يقول: لن أُرضي شوق ولهفة المتفرجين بالرد على حساب أرواح مواطني ودمار كياني وبنياني.
أيوب الرضواني Ayoub Radouani
ليست هناك تعليقات