حياة العتاريس عندنا ماشي حياة الماعز ديالهم
بأي حق يتقاضى سمسار (صاحب شركة مناولة) 5 آلاف درهم على كل حارس أمن، ليُعطيه 2000 درهم ويضرب 3000 درهم صافية في جيبه "للرأس"؟ العامل المسكين يقف 12 ساعة في اليوم، 6 أيام في الأسبوع، صفر تأمين، صفر تغطية اجتماعية.
دولة المونديال والهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية تُشرع للعاملات والعمال المنزليين قانون رقم 12-19 يشتغلن بموجبه 24/24 ساعة في تربية الأطفال كما في الطبخ وغسيل المواعين، وصولا لنظافة البيت وأعمال البستنة والحراسة...مقابل %60 من الحد الأدنى للأجور إلى خداوه! حتى لو اشتغلت المرأة 40 عاما في المنزل، مربية الأبناء كما الأحفاد، فلن يتبقى لها درهم في التقاعد!
في بلد الـ 100 ألف شبح يكلفون خزينة الدولة 1000 مليار سنتيم، 70 ألفا من عبيد العصر الحالي عمال وعاملات الإن عاش الوتني. خدامين كلشي ويكادون لا يتقاضون أي شيء. من الإدارة للنظافة، مرورا بالكهرباء والماء، في المحاكم كما في المستشفيات، بالليل والنهار، في السبت والأحد والأعياد.
المقابل؟ 60% من الحد الأدنى للأجور الفلاحي بين 1000 و1800 درهم. محظوظون إن تلقوا تلك الصدقة في وقتها. ولا حديث طبعا لا عن استقرار مهني ولا عن حقوق ولا هم يحزنون. كثيرين يمـ.وتون وهم لا زالو عمالا مُياومين!!
في بلد خصص 1500 مليار سنتيم لاستضافة جزء من المونديال، هنالك إقليم وعمالة تدعى البرنوصي، بها أزيد من 700 ألف نسمة، تخدمهم طبيبة أطفال واحدة ودكتورة توليد واحدة. بينما مئات التعيينات في المجال الصحي لا تراها سوى في تلفزيون العرايشي المعاني من العجز على مدار الساعة، رغم تلقيه 220 مليار سنتيم دعم من دافعي الضرائب عام 2023.
في بلاد الرَّب "مراكش" بناية تسمى المستشفى الجامعي، بنادم "مَّرْمَدْ" حرْفيا في قسم المستعجلات. الحالات مجبدين في الضّٰسْ، صاحبك ما تقدرش تتواصل معه من شدة الصراخ، تارة بين السيكيريتي والمرضى، وتارة بين ذلك الطبيب المسكين لي فيه "لاكارد" وبين المرتادين. وثالثة من أفواه المرضى: صراخ وعويل وآهات.
في جهة طنجة الحسيمة ستجد مستشفى جامعيا أعانتنا قطر في تشييده بميزانية 2,33 مليار درهم، يُفرض على سيارات الإسعاف التوجه إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بعيدا بـ عشرين كيلومترا لملء استمارات تافهة وإضاعة وقت ثمين لـ "الحالة المستعجلة"، قبل السماح لها بدخول المستعجلات الجامعية. دليل قاطع على عقلية ديناصورية آخر اهتماماتها حياة البشر المحليين!
مستشفى تطوان الإقليمي الحال فيه أكثر فداحة، فقد وصل درجة من البؤس توقفت معها العمليات الجراحية بسبب نقص أدوية التخدير، التي توفرها حصريا مديرية التموين بالأدوية والمنتجات الصحية بالرباط. مع غياب شبه تام للأطباء التخصيين!
أخيرا، وليس آخرا، ودائما في منطقة الشمال المنكوبة، مستشفى (بنقريش) ضواحي تطوان. صرح عظيم خلفه المستعمر الإسباني جزاه الله خيرا، فكان يتكفل بعلاج مئات المرضى المصابين بأمراض تنفسية من كل المغرب، بل ومن إسبانيا. لتبدأ مطلع الألفية عملية إهمال ممنهجة من طرف المسؤوليين "الوتنيين"، انتهت بتخصيص ملبغ أولي بـ 10 مليارات لهدمه وبناء غيره. تم الهدم، لكن البناء تأجل إلى يوم يُبعثون.
لقطات قصيرة ومختصرة لعبث وازدواج شخصية في بلاد تسير بأكثر من سرعة. مغرب يستعد لدفع نصيبه من الجزية للسيد ترمب على شكل 74 طائرة بوينغ بمبلغ 20 مليار دولار (20 ألف مليار سنتيم)، بينما يتساقط عشرات الآلاف من أبناءه مرضى بالسرطان دون علاج كل عام.
مغرب يزين واجهاته بالقطارات السريعة والملاعب الفسيحة، وسكان داخله يسقطون بعد لدغة عقرب أو أفعى، وهم على بعد مئات الكيلومترات من أقرب مستشفى به مضادات السموم.
حان لهذا التناقض وهذا النفاق أن يزول، فبلد أعرج بواجهة براقة وعُمق مريض غادي يجيب الربحة يجيبها، ولو بعد حين.
للقصة بقية
رضوان الرمضاني
ليست هناك تعليقات