مسار ملف الصحراء المغربية: خطوات نحو تعزيز الشرعية الدولية
شهد ملف الصحراء المغربية تطورات مهمة خلال السنوات الأخيرة، خاصة على المستوى الدبلوماسي والقانوني، حيث عزز المغرب موقعه كفاعل رئيسي في إيجاد حل واقعي ودائم لهذا النزاع الإقليمي. من خلال سياسة ذكية تجمع بين الدبلوماسية النشطة والإصلاحات الداخلية، تمكن المغرب من كسب دعم دولي متزايد لمقترحه القائم على منح حكم ذاتي واسع لأقاليم الصحراء تحت السيادة المغربية.
الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء
في ديسمبر 2020، كانت الولايات المتحدة أول دولة في العالم تعترف رسميًا بالسيادة المغربية على الصحراء، في إطار صفقة شملت أيضًا تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. هذا القرار التاريخي أعطى دفعة قوية للموقف المغربي، وأثر على مواقف دول أخرى بدأت في مراجعة سياساتها تجاه القضية.
دعم دول أوروبية وإفريقية للمقترح المغربي
إسبانيا أعلنت في مارس 2022 رسميًا دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو تحول جذري في موقفها التقليدي. كما أبدت ألمانيا وهولندا انفتاحًا أكبر على الرؤية المغربية بعد سنوات من التحفظ. على الصعيد الإفريقي، وبعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، انسحبت أكثر من 20 دولة أفريقية من الاعتراف بـ "جبهة البوليساريو"، مما عزز الموقف المغربي.
تراجع نفوذ جبهة البوليساريو دوليًا
تواجه جبهة البوليساريو تراجعًا في دعمها الدولي، خاصة بعد إغلاق العديد من "السفارات" المزعومة للجمهورية الصحراوية الوهمية في دول مثل بنما وكولومبيا. كما جمد الاتحاد الأوروبي اتفاقيات تجارية مع "البوليساريو" بعد قرار محكمة العدل الأوروبية الذي أكد أن الاتفاقيات يجب أن تكون مع المغرب فقط.
تعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية
يعتمد المغرب سياسة تنموية مكثفة في الصحراء لجذب السكان المحليين نحو الاندماج، من خلال استثمارات في البنية التحتية والتعليم والصحة. كما يشهد الإقليم مشاريع اقتصادية كبرى مثل "ميناء الداخلة الأطلسي" الذي سيكون محورًا تجاريًا رئيسيًا في غرب إفريقيا.
التحديات القائمة
رغم التقدم، لا يزال الملف يواجه بعض العقبات، أبرزها موقف الجزائر الداعم للبوليساريو، والذي يرفض أي حل خارج إطار "تقرير المصير". كما تبقى هناك تحركات في الأمم المتحدة حيث لا تزال بعض الأصوات تدعو إلى استفتاء، رغم تراجع هذه الفكرة عمليًا.
المغرب يسير بثبات نحو تعزيز شرعيته في
الصحراء عبر مزيج من الدبلوماسية الناجحة والتنمية المحلية. التطورات
الأخيرة تُظهر أن الحل الواقعي للنزاع لن يكون عبر الانفصال، بل عبر نموذج
الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو ما تحظى به الرباط بفظل الدعم المتزايد
من المجتمع الدولي.المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها
ليست هناك تعليقات