هاكرز مغاربة ينشرون وثائق حساسة لوزارات جزائرية.. وخبير يحذر لـ"الصحيفة": هذه الاختراقات تعيد تعريف مفهوم الأمن القومي
في فصل جديد من فصول الحرب الرقمية الصامتة التي تخوضها مجموعات الهاكرز في كل من المغرب والجزائر، أقدم قراصنة مغاربة على عملية اختراق نوعية استهدفت المؤسسة العامة للبريد والاتصالات في الجزائر (MGPTT)، وأسفرت عن تسريب أكثر من 13 جيغابايت من المعطيات الحساسة، شملت بيانات شخصية وأوامر تحويل أموال ووثائق إدارية سرية، إضافة إلى وثائق داخلية صادرة عن وزارة العمل الجزائرية.
وجاءت هذه العملية كردّ مباشر على أكبر تسريب للبيانات يشهده المغرب في تاريخه، والذي استهدف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) ووزارة التشغيل، ونُسب إلى هاكر جزائري، وفق ما تم تداوله على منصات إلكترونية.
المجموعة التي تبنّت الهجوم تطلق على نفسها تسميات متعددة مثل "Phantom Atlas" و"Phantom Morocco" و"القوات السيبرانية المغربية"، وقد أعلنت عن مسؤوليتها عبر منصة تيليغرام، ووصفت عمليتها بأنها "ردّ مباشر ومحسوب" على الهجوم الذي طال المؤسسات المغربية.
وفي بيان صدر بعدة لغات – من بينها العربية والإنجليزية – أكّد القراصنة أن الهجوم استُكمل في أقل من 24 ساعة، وأنهم تمكنوا من اختراق الأنظمة الداخلية للمؤسسة العامة للبريد والاتصالات، والوصول إلى معطيات شخصية ووثائق مصنفة، كما أعلنوا عن تمكنهم من الحصول على وثائق تخص وزارة العمل الجزائرية.
واعتبرت المجموعة أن ما قامت به ليس مجرد عملية قرصنة إلكترونية، بل "رسالة ردع وتحدٍ"، مؤكدين أن "أي استفزاز مستقبلي سيُقابل بردّ مستهدف وغير متناسب"، كما عبّروا عن موقف سياسي واضح من قضية الصحراء المغربية، مشددين على أنها "ليست موضوعاً للنقاش".
من جانبه، أكد الخبير في الأمن السيبراني المعروف باسم Saxx، والذي يتابع بشكل دقيق تطورات المواجهة الرقمية بين المغرب والجزائر، خطورة العملية الأخيرة، مصرحا عبر منصة "إكس": بأدوات بسيطة، يمكن العثور بسهولة على معطيات دخول تتيح الوصول إلى الفضاءات الرقمية التابعة لـMGPTT أصبح من المألوف أن تُستعمل بيانات دخول موظفين لبدء هذا النوع من الاختراقات".
وأشار إلى أن ما جرى يكشف عن هشاشة بنيوية في الأنظمة المعلوماتية الجزائرية، وهو ما نبّه إليه القراصنة أنفسهم في بيانهم، الذي وصف المؤسسات الجزائرية بأنها تعاني من "اختلالات هيكلية عميقة وسوء تدبير مزمن".
وتشير هذه الحادثة، إلى تصعيد جديد في الصراع الإلكتروني بين البلدين، والذي لم يعد يُنظر إليه كحرب غير معلنة، بل كواقع متجدد تتوالى فصوله بوتيرة متسارعة، وكما يُلاحظ أن هذه الهجمات باتت تتخذ طابعًا سياسيًا صريحًا، وتستهدف مؤسسات حساسة، في ظل غياب أي ردود فعل رسمية من الجانبين فحتى لحظة نشر هذه المادة، لم تصدر أي بيانات رسمية من الحكومة المغربية أو الجزائرية، ويبدو أن المؤسسات الرسمية تُفضل التزام الصمت، تاركة المجال مفتوحًا أمام فاعلين غير حكوميين، يزدادون تنظيمًا وتسييسًا مع مرور الوقت.
الجهة الوحيدة التي عبّرت عن موقفها في المغرب كانت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP)، التي أصدر رئيسها بيانًا مقتضبًا، بينما لم تُصدر المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSII)، التابعة لإدارة الدفاع، أي تعليق حتى الآن.
ليست هناك تعليقات