في مغرب اليوم، ما زالت كثير من الأمهات يواجهن الطلاق كما يواجهن المعارك

في مغرب اليوم، ما زالت كثير من الأمهات يواجهن الطلاق كما يواجهن المعارك: وحدهن، بصمت مكلف، نموذج صارخ لذلك اوردته جريدة كود : أم تتكفل بـ 88% من مصاريف ثلاثة أبناء، اثنان منهم يدرسون بفرنسا (باريس وبوردو)، والثالثة بثانوية ديكارت الراقية بالرباط، وتشارك في دورات تدريبية بالخارج. مجموع المصاريف؟ حوالي 33 مليون سنتيم سنويًا.

لكن المحكمة قرّرت، بكل بساطة، أن تُلزم الأب بنسبة تقل عن 12%، مستندة إلى تصريح رسمي يزعم أن دخله لا يتجاوز 1854 درهم بعد خصم “الكريديات”، متجاهلةً كل المعطيات الواقعية التي قدّمتها الأم: عمله كطبيب في مصحات متعددة، سكنه في حي الرياض، وممتلكات لم يُصرّح بها. والأسوأ؟ المحكمة لم تأخذ حتى بعين الاعتبار الخبرة الحسابية ولا الفواتير الموثقة التي تبرهن على حجم الإنفاق الفعلي.

الملف الآن أمام محكمة النقض، التي طُعن أمامها بالحكم يوم 15 أبريل 2024، بناءً على خرق صريح للفصل 190 من مدونة الأسرة، الذي ينص بوضوح على ضرورة ملاءمة النفقة مع الدخل الحقيقي للطرف الملزم بها ومستوى المعيشة. كما تم تجاهل الفصل 54، الذي يضع المصلحة الفضلى للطفل في قلب أي قرار.

هنا تطرح الأسئلة الحارقة نفسها: إلى متى سيظل التصريح الضريبي المعلّب هو الفيصل، وكأن القاضي يحكم على ورقة وليس على واقع؟ كيف يُفهم الإنصاف إذا كانت الأم تتحول إلى دولة قائمة بذاتها، تموّل، تتابع، وتُربّي، بينما يكتفي الأب بإخراج تصريح مرتب؟

الملف يأتي في سياق حساس، حيث تجري مناقشات حيوية لتعديل مدونة الأسرة بتوجيهات ملكية واضحة تدعو للإنصاف والمساواة. فهل تكون هذه القضية فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار لمبدأ العدالة؟ أم أننا أمام حلقة أخرى من مسلسل “الورق ينتصر على الحقيقة”؟

محكمة النقض اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تُنصف، أو أن تُكرّس ظلماً ناعماً يُغطّى بالقانون، بينما تُترك الأمهات في العراء، باسم العدالة.

ليست هناك تعليقات

صور المظاهر بواسطة linearcurves. يتم التشغيل بواسطة Blogger.