إستفتاء كتالونيا، إنعكاساته على بقية دول القارة و قضية الصحراء المغربية

قرر الإتحاد الأوروبي في قرار مناف لمبادئه التي سوق لها على مدى عدة عقود. الطعن في استفتاء منطقة كاتالونيا رغم توافر جميع الشروط القانونية المتعلقة بالاستفاء في الإقليم . و يرجع هذا القرار بالخصوص إلى تخوف عدة دول أبرزها فرنسا ، إيطاليا و بلجيكا من إنتقال عدوى المطالبة بالانفصال لتصل إليها . خصوصاً بعد تصاعد دعوات مماثلة خلال السنوات الأخيرة .

تعيش إيطاليا أجواء مماثلة لاستفتاء كتالونيا ، بحيث ستنظم منطقتان إيطاليتان غنيتان، هما لومباردي وفينيتو، يوم 22 أكتوبر استفتاء تشاوريا بشأن زيادة استقلالية أراضيها فيما يتعلق بحكومة روما.
وسيسأل الاستفتاء مواطني هاتين المنطقتين عما إذا كانوا يريدون مزيدا من الحكم الذاتي مقارنة بالحكومة المركزية .

أما فيما يخص بلجيكا فيطالب حزب " فلامز بيلانج " بتقسيم بلجيكا وإنشاء دولة فلامانية، فيما يطالب حزب " التحالف الفلاماني الجديد " بنظام كونفدرالية .
و تعتبر هده المطالب نتيجة لتصاعد المد القومي في شمال بلجيكا .بحيث بدأت وتيرة المطالبة بالانفصال بالصعود إلى السطح ، و بالرغم من أن حزب "التحالف الفلاماني الجديد" قد أشار إلى أن الاستقلال الفوري ليس مطلبا ملحا للحزب وأنه يفضل نظاما كونفدراليا يمنح فيه إقليم الفندرز سلطات أوسع، إلا أن الإستراتيجية الخفية ( حسب منابر محلية ) للحزب القومي ظهرت في هذه الأيام الأخيرة والتي كشفت عن رغبة قوية في المطالبة بانفصال الإقليم الفلاماني.

و من المحتمل جداً أن تعود مطالب الإنفصال لتشعل الساحة السياسية البريطانية ، بحيث طالب رئيس الوزراء الاسكتلندي نيكولا ستورجون رسميا يوم الجمعة 31 / مارس الحكومة البريطانية "بسلطة تنظيم استفتاء ثان للاستقلال" و دلك من خلال رسالة بعث بها إلى رئيسة الوزراء البريطاني " تيريزا ماي" أكد فيها على "أن الشعب الاسكتلندى يجب ان يكون له الحق فى اختيار مستقبله".
لكن رئيس الوزراء البريطاني تيريزا ماي حذرت من انه "ليس الوقت المناسب". لمثل هذه المطالب !

و تعتبر فرنسا هي الأخرى غير بعيدة عن خطر مطالب بالإنفصال ، بحيث تصاعدت خلال السنين الأخيرة بكورسيكا دعوات للتحرر من السلطة المركزية
و ترفض فرنسا هي الأخرى أية مطالب بالانفصال من جانب واحد ، متحججة بأن دستورها يحفظ للحكومة السيطرة على قضايا السيادة الوطنية. و بأن " الاستفتاءات المحلية تشرف عليها الدولة عن كثب"، ولا يمكن إجراء استفتاء بشأن تغيير قانوني حقيقي في كورسيكا إلا بالاتفاق مع الدولة.

ما مدى تأثير هذه النزعات الإنفصالية على ملف الصحراء .!

على المملكة المغربية أن تستفيد بشكل جيد من التغيرات السياسية التي بدأت تحصل بأوروبا ، فالخطاب الرسمي سواء للإتحاد الأوروبي أو الدول الأوروبية المدافع عن وحدة أراضيها من التقسيم، يجب أن يشمل موقفها من قضية الصحراء المغربية، لأن المبادئ لا تتجزأ و هذا ما يجب أن توصله الدبلوماسية المغربية لنظرائها في أوروبا .

كما أن طلبات الإنفصال هاته ، ستفرز عن بروز تكتلات سياسية ، و مجموعة من اللوبيات التي ستشكل من مثقفين ،صحافيين ، أكاديميين ، رجال قانون ، و فنانين أو رياضيين سيسوقون لأطروحات مناهضة للانفصال. لهدا على المغرب أن يسارع في التقرب من هذه التكتلات و المساهمة في تمويلها و جعلها بالتالي تخدم مصالح المملكة المغربية داخل الدول الحاضنة لها .
و أخيراً إدا كانت شعوب أوروبا مقد تعاطفت مع مطالب الإنفصال في أوقات سابقة ، و ساهمت في حملات داعمة للانفصال على أراضيها ، فهي اليوم ستصبح رافضة لأية مطالب مماثلة أو المساهمة فيها لأن " مصطلح تقرير المصير " سيصبح المصطلح الأكثر رفضاً في هذه المجتمعات، التي ستعمل جاهدة على الدفاع عن وحدة أراضيها.

و أخيراً تحاول الجزائر و الدول الحاضنة للجبهة الإنفصالية الجز بها بالقمة المقبلة : أفريقيا /أوروبا و دلك من خلال تكتيف أنشطتها بالبرلمان و المؤسسات الأوروبية ، لهذا على المملكة المغربية أن تستغل موقف الإتحاد الأوروبي المتجلي في رفضه إستفتاء كتالونيا و تهديده للاقليم بعدم الإعتراف به أو القبول به داخل " الإتحاد " حتى في حالة إعلان دولة مستقلة من جانب واحد. و دلك عبر الربط بين مسألة كتالونيا و الكيان الوهمي من أجل الضغط و دفع الإتحاد الأوروبي على إتخاذ نفس الموقف . و بالتالي رفض أي جلوس مع كيان غير معترف به من طرف الأمم المتحدة على طاولة واحدة .